السبت، 19 سبتمبر 2015

أضرب الخبر

أضرب الخبر 

















الشواهد:
١- قال الله تعالى:(إنا نحن نزلنا عليك القران تنزيلا)
ضرب إنكاري لأن فيه أكثر من مؤكد (إن- نحن

٢-قال الله تعالى: (قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا)
 طلبي لأن فيه مؤكد واحد (قد)
٣-وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابه 
ضرب إبتدائي لا يوجد فيه مؤكد 

٤-قال الله تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ…)
 طلبي لأن فيه مؤكد واحد (الام )

٥- قال السري الرفاء : إنَّ البناءَ إذا ما انهدَّ جانبهُ  لم يأمن الناس أن ينهدَ باقيه
 طلبي لأن فيه مؤكد واحد (أن)
٦- قال الله تعالى:( واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون - إذا أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون- قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون- قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون- وما علينا إلا البلاغ المبين)

ضرب إنكاري لأن فيه أكثر من مؤكد (أنربنا- يعلم -أنا-الام -إلا)




شــــرح :



 قال تعالى :((وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَانُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُون)) 
فبعد تأمل تلاحظ أن خطاب الرسل لأصحاب القرية جاء مؤكداً في الصورة الأولى بإن واسمية الجملة ( إنا إليكم مرسلون ) لأنهم منكرون لرسالتهم، كما دل عليه قوله: ( فكذبوهما)، وقد رد أصحاب القرية كلام الرسل بعد هذا الخطاب الأول بقولهم (ما أنتم إلا بشر مثلنا ) أي لستم رسلاً، ثم ما وجه الخصوصية لكم في كونكم رسلا دوننا ؟ لأنهم يعتقدون أن الرسول لا يكون بشراً، وهو أسلوب مؤكد بالنفي والاستثناء، ولما كان التقدير: فما أرسلتم إلينا بشئ عطفوا عليه قوله: (وما أنزل الرحمن) وهذا تأكيد ثان لنفى الرسالة عنهم بصورة أبلغ؛ لأنهم في هذه الجملة الثانية ينكرون أن الله تعالى قد أنزل شيئاً عليهم وعلى غيرهم،إذ اعتقدوا أن عموم الرحمة مع استواء الخلق في العبودية يقتضيان التسوية بين الجميع فلا يخص هذا بشئ دون الآخر، ولذلك أعرقوا في النفي بقولهم: (من شيء) ثم أردفوا ذلك بقولهم: ( إن أنتم إلا تكذبون ) وقد قصروا الرسل على الكذب.
وكان رد الرسل عليهم بعد هذا العناد والإنكار والتطاول بقولهم: ( ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون ) مكررين القضية الأولى ـ وهذا ضرب من التوكيد ـ ثم أضافوا إلى صياغتها ألواناً جديدة من التوكيد، فجاءت مؤكدة بإن واسمية الجملة واللام وبمعنى القسم في قوله ( ربنا يعلم ).
يقول فضيلة الأستاذ الدكتور محمد أبو موسى: فقد وضح إذن كيف تتكاثر عناصر التوكيد وفقاً لتصاعد أحوال الإنكار في هذا الحوار القرآني الخصب الذي يحتاج إلي تأمل ومراجعة تكتشف فيه طبيعة العقلية المعاندة ؟، وكيف كانت تنحرف في حوارها عن طلب الحقيقة ومنهج الاحتجاج القويم؟
فلم يطلبوا من الرسل ـ عليهم السلام ـ برهانا علي دعواهم كما يفعل الراغبون في التعرف علي الحق، وإنما رفضوا الدعوى، وكان رفضهم مبنيا علي مسلمة خاطئة هي رفض بشرية الرسول، وهكذا عقلية الجاهلية في كل زمان تعتقد مسلمات وتحاول ترسيخها في عقول الجماعات من غير أن تأذن لنور البصيرة والحجة بمناقشتها وتمحيصها، ثم تجعل هذه المسلمات أساس حوارها في بث الجاهلية وتضليل الجماعات، ثم تأمل كيف جري التناقض علي ألسنتهم من حيث لا يشعرون ؟
فهم يقولون: ( وما أنزل الرحمن من شئ ) فذكروا أن الله لم ينزل شيئا بهذا العموم وهذا الإطلاق، ثم ذكروا ذا الجلال بصفة الرحمة، وهي صفة تقتضي إرسال الرسل ؛ لأن رسالتهم رحمة، فكيف يمسك الرحمن عن هداية خلقه ؟ ثم تأمل كيف يتركون قضية الخبر ويهاجمون شخص المخبر ؟ ويقولون( إن أنتم إلا تكذبون) وكم يشيع الجبابرة والطغاة قالة السوء عن دعاة الخير والحق ؟

ثم تأمل الجانب الآخر في الحوار تجد دعاة الحق لم يتأثروا بتلك الانحرافات في أسلوب تعاملهم مع الجاهلية الرافضة لعدل الله في الأرض وإنما ظلوا محافظين علي طريق الصواب فكرروا القضية التي هي أساس الحوار وواجهوهم بما يهربون منه، فقالوا في تصميم وإيمان ( ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون)، إن هذا ومثله مما يجب علي دارس بلاغة القرآن وآداب اللغة أن يطيل النظر فيه، وما أعظم هذا المثل وما أروع دلالته علي ما نحن فيه، راجع، وتأمل، وانظر حولك، واقرأ الواقع الحي كما تقرأ الكتاب  . 





هناك تعليقان (2):