الأحد، 11 أكتوبر 2015

تعريف المسند اليه }..











الشواهد:

1-قال الحق:{وراودته التي هو في بيتها عن نفسه}
الشرح:
* الصلة : التي  /  موقعها الإعرابي : فاعل وهي مسند إليه.
معنى التعريف بالصلة في قول الحق الإشارة إلى زيادة تقرير الغرض المسوق له الكلام , والغرض المسوق له الكلام هو تقرير نزاهة سيدنا يوسف عليه السلام وذكر امرأة العزيز بهذه الصلة المشيرة إلى كونه في بيتها مما يقرر هذا الغرض , فقد راودته امرأة هو في بيتها متمكنة منه في كل اوقاته من ليل نهار ولكنه عليه السلام استعصم وهذه غاية النزاهة , ولو قال : وراودته زليخا او امرأة العزيز لم تجد شيئاً من ذلك.
ثم إن في ذكر الصلة هنا ايضاً استهجان التصريح بالاسم المنسوب إليه هذا الفعل.


2- فإن الذي قد قيل ليس بلائط ٍ  ***   ولكنه قول امرئ بِى ماحل. 

الشرح:
يشير معنى التعريف بالصلة في هذا البيت إلى الاستهجان بذكر ما دلت عليه الصلة.
معنى قولة في : 
ليس بلائطٍ , ليس بلازم ولا لاحق.
الماحل , الذي يسعى بالنميمة.
أراد حسان ألا يذكر اتهام عائشة في الإفك استهجاناً لهذا القول واستبعاداً له. 
ثم ان الصلة في التعبير مكنته من ان يشير إشارة لطيفة في قولة : قيل , بالبناء للمجهول فأشار إلى أنه قول ساقط غير منسوب إلى عاقل يستحق أن يذكر. 


3- مهلاً هداك الذي أعطاك نافلة   ***   القرآن فيها مواعيظٌ وتفصيل 
الشرح:
في هذا البيت يكون فيه التعريف بالصلة قصداً إلى معاني فيها ذات اهمية في سياق الكلام.
هنا قال الشاعر : هداك الذي اعطاك .. ولم يقل هداك الله او هداك ربك لأن في الصلة حديثاً عن عطاء الله لمحمد صلى الله عليه وسلم  ففيه تكريم للنبي وتنويه بمقامه عند الله وفي ذلك إقرار مؤكد بنبوة النبي  , وإعلام بإسلام كعب ثم إن القران فيه مواعيظ وهداية وكأنه يذكره بما يدعوه إلى العفو عنه من ايات الله الداعية إلى الصفح وقبول الأسلام ممن جاء عائداً.


4-إن الذين ترونهم إخوانكم   ***   يشفي غليل صدورهم ان تصرعوا
الشرح:
هنا يكون التعريف بالصلة لتنبيه المخاطب على خطئه.
فقول الشاعر : الذين ترونهم إخوانكم , يشير إلى أنكم مخدوعون في هذا الحسبان حيث تظنون أنهم إخوانكم مع ان صدورهم تتوقد حقد عليكم , ولو قال الشاعر : أن القوم الفلاني يشفى غليل صدورهم .. لذهب هذا المعنى. 


5-قال الحق:{ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين}.
الشرح:
يكون التعريف بالصلة يشير إلى وجه بناء الخبر. 
يشير إلى ان الخبر من جنس النكال والعذاب وهذا واضح . 


6- قال الحق:{ان الذين سبقت لهم منا الحسنى اولئك عنها مبعدون}.
7- قال الحق:{ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة}.
8- قال الحق:{والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم}.
 نجد المبتدأ يحمل من المعاني ما يهئ النفس إلى الخبر حتى لتكاد تعرفه قبل النطق به ,وهذا لعمرك فن من الكلام جزل دقيق لا يهتدي اليه إلا فطن محدث ومنه في الشعر قول الفرزدق: 

9-إن الذي سمك السماء بنى لنا  ***  بيتاً دعائمه أعز وأطول
الشرح:
البيت من قصيدة يفتخر بها الفرزدق على جرير , وقوله الذي سمك السماء يشير إلى أن الخبر من نوع الرفعة والسمو وذلك واضح.
ويفهم من كلام السكاكى ان الصلة قد تكون مشيرة إلى وجه بناء الخبر كما قلنا , وقد تكون هذه الاشارة موحية بتحقيق الخبر حين تكون الصلة كالسبب له او الدليل عليه.


10-قال الحق:{وغشيهم من اليم ما غشيهم }.
11-قال الحق:{إذ يغشى السدرة ما يغشى }.
الشرح:
في هذه الايات تفيد الصلة معنى التفخيم والتهويل لما فيها من إبهام وغموض.
تفيد الصلة في قوله { وغشيهم من اليم ما غشيهم }ان الذي يغشيهم امر مبهم أمره في الهول والشدة , ومنه قوله { اذ يغشى السدرة ما يغشى }أي,تغشاها امور عظيمة مبهم امرها في الجلال والكثرة , قال الزمخشري : وقد علم بهذه العبارة ان ما  يغشاها من الخلائق الدالة على عظمة الله عز وجلاله اشياء لا يكتنهها النعت ولا يحيط بها الوصف.

*************

1- قال الحق:{وليس الذكر كالأنثى }.
الشرح:
يفيد غرض التعريف باللام هنا انها تكون إشارة إلى معهود بينك وبين مخاطبك.
اي :  ليس الذكر الذى طلبته امرأة عمران كالأنثى التى وهبت لها وكانت نذرت ما في بطنها لخدمة بيت المقدس , ولا يكون خادمه إلا ذكراً.

2-والخل كالماء يبدي لي ضمائره *** مع الصفا ويخفيها مع الكدر.
اراد جنس الخليل.

3- قال الحق:{ و إذا قيل لهم امنوا كما امن الناس }.
الشرح:
قد ترد اللام في الكلام الفصيح وهي تحمل المعنيين , فاللام في هذه الايه يصح ان تكون لام العهد , أي امنوا كما امن رسول الله ومن معه , ويصح ان تكون لام الجنس أي كما امن جنس الناس والجنسية هنا يتولد منها معنى لطيف لأنها تشير إلى انهم هم الناس الكاملون في الإنسانية فالذين امنوا هم جنس الناس ومعدن الإنسانية وما عداهم فليس منها.


الخميس، 8 أكتوبر 2015

أحوال المسند إلية { ذكر المسند إليه}..

























الشواهد :-

ألا ليت شعري هل أبيت ليلة         ***    بجنب الغضا أزجى القلاص 
فليت الغضا لم يقطع الركب عرضه  ***   و ليت الغضا ماشي الركاب لياليا
لقد كان في أهل الغضا لودنا الغضا ***   مزار و لكن الغضا ليس دانيا

الشرح:
والغضا شجر في ديار أهله والشاعر في هذه الحاله القاسية التي يستشعر فيها دنو الأجل ويشع ر فيها الإحساس بالغربه ويفيض فيها الحنين والتعليق بالأهل تراه مرتبط النفس بالغضا أقوى ما يكون الارتباط , فيتشبث باللفظ ويكرره كما ترى وكأنه يمتص من رحيق آخر وليس من الوفاء بالحس في هذه الحاله الاكتفاء بالضمير وإن كانت الدلالة واضحة لأن اللفظ يحمل معنى له في سريره نفس الشاعر مايضميه إليه فلا بد من تكراره وتأمل ماشى في قوله = وليت الغضا ماشي الركاب لياليا –وكأنه كان يتمنى لو رحلت معه تلك الديار والأهل والأرض والمدر كل ذلك تنفجر روحه إليه وهو يجود بها  .

ألا ليت لبنى لم تكن لي خلة     ***  و لم تلقني لبنى و لم أدر ما هي

الشرح: 
وفي هذا الباب أن الشاعر يذكر اسم صاحبته ثم يكرره وكأنه يمكنه الاستغناء ضميره ولكنه يؤثر النص عليه لأن في ذلك ما يثير أشواقه ذكر لبنى في الشطر الثاني و كأنه يمكنه ان يكتفي بقوله ولم تلقني ولم ادر ما هي وهذا المقام مقام غزل .

و إن صخراً لكافينا و سيدنا      ***       و إن صخراً إذا نشتو لنحار 
و إن صخراً لتأتم الهداة به      ***        كانه علم في رأسه نار

الشرح: 
تجد الشاعرة تذكر صخرا وتردد اسمه وكان يمكنها ان تكتفي في الشطر الثاني بقولها وأنه وكذلك في البيت الثاني إلا ان تعلق نفسها بأخيها يجعل تردد ذكر الاسم شيئا حبيبا اليها ووسيلة من وسائل سلوها وليس الذكر مقصوراً على اسم المرثى وإنما يكون ذلك في غيره مما لنفس به مزيد تعليق والرثاء باب العاطفة المشبوبة وهي تتخذ التكرار وسيلة من وسائل الهدهدة النفسية وإفراغ التوتر الشديد وهو أهم الوسائل الناجعة في هذا الباب لانه يهيئ الشعر للشدو الحزين والدندنة الشاجية .

صددت الكأس عنا أم عمرو      ***        و كان الكأس مجراها اليمينا
الشرح: 

كان من الممكن أن يحذف المسند إليه في الشطر الثاني و لكن لنفسه بالخمر و لوعا وكيف قد جعلها فاتحة غنايه في قصيدته المعلقة وخالف بذلك سنة الشعراء على الأطلال وقد يذكر المسند إليه لأن المتكلم يحرص غلى أن يضيف إليه الخبر.

و انت التي قطعت قلبي حزازة      ***     و قرحت قرح القلب فهو كليم 
و انت التي كلفتني دلج السرى      ***    و جون القطا بالجلهتين جثوم

الشرح: 
فقد ذكر الشاعر ضمير صاحبته في كل بيت لأنه يحرص على ان يبرز ذاتها ليضيف إليها هذه الاخبار المهمة في صورة واضحة ومقررة وفي ذلك ما يكشف معاناته وما تكلفه من مشقة وعنت من أجلها وهي تتهمه بأنه اخلفها ما وعد واشمت بها من كان فيه يلوم فالمقام يقتضي مزيداً من التقرير والايضاح .

( اولئك الذين كفروا بربهم و اولئك الأغلال في أعناقهم و أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)

الشرح: 
نجد أن المستند إليه يتكرر مع كل حكم و كان من الممكن أن يرد الكلام على طريق الحذف ولكنه قصد إلى تقرير هذه الأخبار إذاعتها عنهم فهم كفروا بربهم وهم الاغلال في أعناقهم وهم أصحاب النار كأن هذه الاعادة جعلت كل جملة كأنها مستقلة بنوع من العقوبة الصارمة .

و قد علم القبائل من معد     ***       اذا قبب بأبطحها بيننا
بأنا العاصمون اذا طعنا      ***      و أنا الغارمون اذا عصينا 
و أنا المنعمون اذا قدرنا      ***       و أنا المهلكون اذا اتينا
الشرح:
واضخ أن الشاعر أنه يستطيع الاستغناء عن هذه الضمائر التي كررها مع كل بيت  و لكن احساسه بها لا يكفيه أن يذكر هذه المناقب غير مستندة كل واحد منها إلى قومه استناداً مستقلاً ليكون في ذلك تقرير وإبراز لها وهكذا أحسها الشاعر بل أحسها الناس كما يدعى .

إذا انزلت رحلك في سدوس       فقد انزلت منزلة الذليل
و قد علمت سدوس ان فيها      منار اللؤم واضحة السبيل
فما أعطت سدوس من كثير     و لا حامت سدوس عن قليل

الشرح : 
في هذه الأبيات يحرص الشاعر على ذكر المسند إليه لأن ذلك ضروري في سياق الشعر حيث يقصد إلى قرنه قرناً واضحاً بهذه المثالب الكثيرة والبيت الثالث من المعاني القوية لأنه يقرر بواسطة هذا التكرير أن القوم أنفسهم يعلمون أنهم منار اللؤم فليس الناس هم الذين يدعون ذلك فضلا عن أن يكون جريرا وإنما القبيلة نفسها تعلم بذلك.

قال تعالى: ( وما تلك بيمينك يا موسى قال هي عصاي)

الشرح:
لم يقل عصاي كما يكون في الأمثلة لأنه يريد بسط الحديث وطول مقام المتكلم في حضرة ذي الجلال لأنه تشريف ما بعد تشريف ولهذا أخذ يتحدث عن عصاه ويذكر ما لا يقتضيه السؤال استرسلا منه في سوق الحديث وقد سأله سبحانه وهو بكل شيء عليم لأنه أراد لفته إلى العصا حتى يتبينها ويعرف أنها ليست إلا عصا يتوكأ عليها ويهش بها غنمه فهي يابسة جامدة حالها كحال كل العصى . 

الاثنين، 5 أكتوبر 2015

أحوال المسند إليه ..{ حذف المسند إليه}






ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ






  • الشواهد ..
1) 
لمن طلل أبصرته فشجاني     كخط زبور في عسيب يماني
ديار لهند والرباب وفرتنى    لـــيــــالينا بالنعف من بـــدلان 
موطن الحذف (ديار ) ,, تقدير المسند إليه (هي )
الشرح.. ذكر الشاعر أنه أبصر الطلل فأحزنه وشجاه، ثم شبهه بخط كتاب في سعف نخلة ثم استأنف ذكر الطلل مرة ثانية استئنافاً قص فيه معنى جديداً عرف فيه الطلل وذكر لهوه فيه، وهذا الاستئناف مبنى كما ترى على حذف المسند إليه؛ لأن التقدير هي ديار أو تلك ديار 




2)
اعتـــاد قلبك من ليلى عوائــده    وهـــــاج أهواءك المكنونة الطلل 
ربع قواء أذاع المعصرات به    وكــــل حيران سار ماؤه خــضـل 
موطن الحذف (ربع) ,,  تقدير المسند إليه( هو )
الشرح .. ذكر في البيت الأول أن الطلل هاج الأهواء المكنونة , ثم استأنف كلاماً ذكر فيه الديار فقال : ربع قواء ذهب السحاب بمعالمه لما أعصر فيه ماءه , الشاعر هنا يذكر الربع ويذكر أحواله الشاجية , فقد صار في مواجهة الفناء وتأمل البيت الأول وتفقد كلماته وصوره لأنه من حر الكلام 


3)
وعلمت أنــي يوم ذا    ك منازل كعباً ونهداً 
قوم إذا لبسوا الحدي   ــد تنمروا حلـقاً وقداً
موطن الحذف (قوم ) ,, التقدير ( هم )

الشرح.. يذكر الشاعر وهو عمرو بن معد يكرب الزبيدي ,وكان شاعراً فارسياً سيداً يذكر شجاعته وأنه نازل كعباً وهي قبيلة من ولد الحارث بن مذحج ونهداً وهي قبيلة من قضاعة ثم قطع الحديث وقال قوم وأراد :هم قوم ,والحلق المراد بها حلق الدروع والقد اليلب وهو شبه درع يلبس في الحرب ,والمراد بقوله تنمروا أنهم تشبهوا بالنمور في أفعالها في الحرب أو أن الحلق والقد تختلف ألوانها اختلاف لون النمر والمرزوقي يرى أن الأول أجود والحذف جاء في مقطع جديد من مقاطع المعنى فإنه ذكر في البيت الأول كعباً ونهداً هكذا من غير إشارة إلى ما هم عليه من العدة والقوة ثم استأنف حديثاً آخر أو جزءاً جديداً من المعنى فذكر عدتهم وبنى هذا الاستئناف على الحذف لقوة الدلالة عليه ولأنه مناسب كما أشرنا إلى قوة الانفعال بهذا الجزء من المعنى فإن الإحساس بالفروسية يعظم حين تكون الملاقاة مع عدو موفور العدة عظيم الاقتدار وحين يقوى التأثير بالمعنى ويعظم الإحساس به يكون السياق سياق إيجاز ولمح , مادام ليس هناك ما يدعو إلى النص على شيء معين وإبرازه.. 


4)
رآني علي مابي عميلة فاشتكى    إلى ماله حالي أسر كما جهر 
غلام رماه الله بالخــــــير مقبلاً    له سيماء لاتشق على البصر 
موطن الحذف (غلام ) ,, التقدير ( هو )

الشرح .. السيماء ممدود السيم وأصله السوم قلبت الواو ياء , والسيم العلامة التي يعرف بها الخير والشر قال تعالى:(تعرفهم بسيماهم ) ومراد الشاعر أن علامات الخير وسيم الفضل بادية فيه لاتشق على البصر 
والشاهد. قوله غلام أراد هو غلام ولكنه حذف المسند إليه لقوة الدلالة عليه وجرياً على عادتهم في مثله ,وهو كما ترى حذف وقع في استئناف جزء من أجزاء المعنى ذكر فيه الشاعر خلائق مهمة في السياق فطبائع الخير داخله في خلقة هذا الغلام لأن الله قذفه بالخير فصار في خلقه وخلقه وناهيك عن هذا ثم إن ملامح النجابة والفضل لائحة في الوجه وكأنها فاضت من داخله على خارجه فلا تخطئ عين إدراك هذه السيم   


   5)
ودع هريرة إن الركوب مرتحــل    وهـــــــــل تطيق وداعاً أيها الرجــــل 
غراء فرعاء مصقول عوارضها    تمشي الهوينا كما يمشي الوجي الوحل 
موطن الحذف (غراء ) ,, التقدير ( هي أو تلك )
وهنا أنتقل الشاعر من معنى إلى معنى أخر فقطع وستئنف  ومع قطعه و إستئنافه يحذف المسند إليه
ومن مقامات الحذف ، عندما يكون المبتداء ظاهر ظهور شديد بحيث لا يتوهم أن يكون الخبر لغيره  

  6) 
قال الحق (عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال)
    موطن الحذف ( عالم ) ,, التقدير (هو )                            
الشرح. فإن قوله عالم خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو، ولكن لما كان الخبر لا يكون إلا له سبحانه جاء الكلام على الحذف، وفي هذا الحذف إشارة إلى الوحدانية والجلال.           
  
   7) 
قال الحق (فقالوا ساحر كذاب)
موطن الحذف (ساحر ) ,, التقدير ( هذا ) 

الشرح .. أي هذا ساحر كذاب , والقائلون وهم قومه يقصدون بهذا الحذف أن قولهم ساحر لا ينصرف عند الإطلاق إلا على موسى عليه السلام زعماً منهم أن هذه الصفة غالبة عليه , وفي الحذف أيضاً إشارة إلى استخفافهم وقلة اعتدادهم .

   8)
قال الحق (وقيل يا أرض ابلعي ماءك وياسماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين
..  (قيل ),,(غيض),,(قضي),,(قيل)
الشرح .. وهذه الآية الكريمة من الشواهد السائرة عند البلاغيين، وقد كثر كلامهم في بيان فصاحتها، وقالوا: إن واحدا ممن حاولوا معارضة القرآن لما قرأها مزق أوراقه، وقال ابن أبي الأصبع: إن لم ير -في جميع ما استقرى من الكلام المنثور، والشعر الموزون- كهذه الآية، وأنه استخرج منها أحد وعشرين ضربا من المحاسن، وهي ملحوظات لا تخلو من حسن، وحذف المسند إليه الحقيقي في قوله: وقيل: يا أرض يشير إلى قوة ظهوره، وأن ذلك الفعل الهائل أعني مخاطبته الأرض، وتوجيه الأمر المستعلى إليها لا يكون إلا من الذي خلقها، فسواها وكذلك السماء، وحذف الفاعل في قوله: وغيض الماء للإشارة إلى الإجابة السريعة، فما أن أمرت الأرض بأن تبلغ، والمساء بأن تقلع إلا وقد غيض الماء، وكأن قوة هائلة مجهولة اختطفته، وابتلعته فهذه معها.
                      
  9)
قال الحق (فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون *فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين *وألقي السحرة ساجدين)

الشرح ..  حذف المسند إليه في قوله: فغلبوا هنالك؛ لأن الغرض منصب على بيان أن السحرة غلبوا، وأن سحرهم أبطل وكانوا فيه مشاهير، وفيه إشارة إلى أن الغالب في الحقيقة ليس هو موسى عليه السلام، وإنما قوة أيدت موسى، وجعلت عصاه حية تسعى ألقاها، فإذا هي تلقف ما يأفكون، ولو أنه قال: فغلبهم موسى لكان نصا على غلبة موسى عليه السلام، وأن له في ذلك فعلا غلب به، وليس كذلك، فإن سيدنا موسى أوجس في نفسه خيفة لما رأى حبالهم، وعصيهم وخيل إليه من سحرهم أنها تسعى.
وانظر إلى قوله في الآية الكريمة: {فَوَقَعَ الْحَقُّ} ، فإن بالغ في الحسن والإيجاز وقد وصف بدقة بالغة وقوع عصا موسى في ساحة الصراع بعدما ملأها باطل السحرة، وقوله: {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ} ، حذف فيه المسند إليه للإشارة إلى السرعة الفائقة في وقوع الحدث، وتصوير أن قوة مجهولة أستلبت عنادهم، وكفرهم فخروا في ساحة الحق ساجدين.


  10)
قال الحق (كلا إذا بلغت التراقي *وقيل من راق )

الشرح .. أي إذا بلغت الروح ,والحذف هنا لظهور الفاعل ظهوراً لا لبس فيه والآية في ذكر الموت ولايبلغ التراقي عند الموت إلا النفس والروح وكأن في إسقاطها من العبارة إشارة إلى ماهي عليه من وشك المفارقة .


   11) 
أماوي ما يغني الثراء عن الفتى    إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر 
الشرح ..أراد إذا حشرجت الروح والحشرجة صوت يردده المريض في حلقه وهو مأخوذ من الحشر نظراً لضيق مكان النفس في هذه الحال, والحذف هنا أيضاً لشدة ظهور المحذوف ولأن الشاعر يصف مقام ضيق وشدة , والحذف فيه أدل على قصر النفس وأكثر وحياً بمعنى الحشرجة . 

12)
قال الحق (إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب )


الشرح .. أراد حتى توارت الشمس بالحجاب فحذفت الشمس لبيان المراد ،  ولأنها توارت فلاءم الحذف دلالة الكلام , وتأمل وتفقد أحببت حب الخير عن ذكر ربي . 


       ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ















الخميس، 1 أكتوبر 2015

الأحوال التنزيلية










واضح أن مراعاة هذه الأحوال الثلاثة في صياغة الجملة _



عدم التوكيد لخالي الذهن والتوكيد للمتردد الشاك والمنكر حسب إنكاره أمر يجري على الأصل ويوافق ما يقتضي ظاهر حال الخاطب. 
وقد ينزل المنكر منزلة غير المنكر لعدم الاعتداد بإنكاره لأنه ليس له دليل عليه , ولو أنصف ونظر نظرة متأنية لعدل عن هذا الإنكار. 
وقد ينزل غير المنكر إذا بدأ عليه شيء من أمارات الأنكار فيخاطب بأسلوب التوكيد في الأمر الذي لا ينكره .












شواهد الأحوال التنزيلية .

يقول ابن المفقع: (لا تكونن نزر الكلام والسلام ولا تفرطن بالهشاشة والبشاشة ,فإن إحداهما من الكبر ,والأخرى من السخف)

الشاهد (فإن) توكيد ,المتكلم (أبن المفقع) ,المخاطب (الناس)

تنزيل المخاطب منزلة المتردد الشاك.
فإن أحدهما من الكبر جاء مؤكد لأنه تعليل لهذا النصح وكأنه حين نهى عن النزر في القول والأفراط في الهشاشة تطلعت النفس المتلقية إلى معرفة سبب ذلك وصارت كأنها مترددة , فأسعفها بهذه الجملة المؤكدة .


قال الحق: (يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم)
الشاهد (إن) توكيد ,المتكلم (الله),المخاطب (الناس)
تنزيل المخاطب منزلة المتردد الشاك.
لما أمر بتقوى الله وحذر عقابه استشرقت الشمس إلى معرفة السبب وكأنها توقعت عقاباً فأردفه بقوله (إن زلزلة الساعة شيء عظيم)


قال الحق: (إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا)
الشاهد (إن) ,المتكلم (الرسول) ,المخاطب (أبو بكر)
تنزيل المخاطب منزلة المتردد الشاك.
لما نهاه عن الحزن استشرفت نفس صاحبه إلى معرفة السبب في هذا النهي لأن الحزن له سلطان على النفوس في مثل هذا الموقف لقوة داعيه فكان النهي عنه أمراً غريباً يحتاج إلى بيان علته فذكر ما يقتلع الخوف والقلق ويبث الرضا واليقين .


قال الحق: (قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم إنكم كنتم فاسقين) 
الشاهد (إنكم) ,المتكلم (الله) ,المخاطب (المنافقين)
تنزيل المخاطب منزلة المتردد الشاك.
لما سوى بين إنفاقهم طائعين وإنفاقهم مكرهين فأن كليهما مردود عند الله تطلعت النفس إلى معرفة علة هذا الموقف الغاضب .


قال الحق: (يسبح لله ما في السموات وما في الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم)
ابتدائي ,المتكلم (الله) ,المخاطب (الناس) 
تنزيل المخاطب المنكر منزلة غير المنكر.
لا تجد في هذا الخبر العظيم الذي يفيد أن كل ما في السموات والأرض من ناطق وصامت وجبال وبحار يسبح للملك القدوس , هذا خبر يرج النفوس ثم هو منكور عند الجاحدين , ولكن القران لم يعبأ لهذا , وساق الحقيقة الضخمة في هذا الهدوء الواثق الحكيم .


قال الحق: (له ملك السموات والأرض والى الله ترجع الأمور) 
وقولة تعالى ( محمد رسول الله )
ابتدائي ,المتكلم (الله) ,المخاطب (الناس)
تنزيل المخاطب المنكر منزلة غير المنكر 
القران يسوقها كما ترى ولها في هذا المساق سلطان غالب عند من يحسنون الإصغاء إلى الكلمة والبلاغيون يذكرون من أمثلة هذا الوجه قولك لمن ينكر الإسلام (الاسلام حق من غير توكيد , لأنك ترفض إنكاره حيث لم يكن لديه دليل عليه , ولأن بين يديه من الأدلة ما أن تأملها رجع عن هذا الإنكار , وهذا من الكلام الحلو)


وقال الحق: ( ذلك الكتاب لا ريب فيه)
ابتدائي , المتكلم (الله) , المخاطب (المؤمنين)
تنزيل المخاطب المنكر منزلة غير منكر.
لأن هذا حقيقة أعنى نفي الريب عن كتاب الله ينكرها كثير من المعاندين , ولكن القران لم يعتبر هذا الإنكار .


وتملك أنفس الثقلين طرا       فكيف تحوز أنفسها كلاب ؟
الشاهد (وتملك أنفس) ,المتكلم (المتنبئ) ,المخاطب (الناس) 
تنزيل المخاطب المنكر منزلة غير المنكر. 
يعبر عن ملك سيف الدولة لأرواح الإنس والجن بهذا الأسلوب المرسل من التوكيد فيوهم أنها حقيقة مقررة لا ينكرها أحد فكيف يسوقها في صيغة التوكيد؟



متى تأته تعشوا إلى ضوء ناره        تجد خير نارٍ عندها خير موقد
الشاهد (خير نار ,خير موقد) ,المتكلم (الأعشى) ,المخاطب (الناس)
تنزيل المخاطب المنكر منزلة غير منكر.
البيت الأخير يجعل الممدوح خير أهل الأرض من غير تقرير واهتمام , وهذا كثير جداً.


جاء شقيق عارضا رمحه           إن بني عمك فيهم رماح 
الشاهد (إن) ,المتكلم (شقيق) ,المخاطب (المهلل الكلبي)
تنزيل المخاطب غير المنكر منزلة المنكر.
الشاعر لما رأى شقيقاً قد أقبل غير مكترث بالقوم لأنه جاء عارضاً رمحه أي واضعه على عرضه وجاعله على فخذه غير متهيء للقاء اعتبره الشاعر منكراً لقوتهم وسلاحهم لأن هيئته هيئة المنكر وأن كان في حقيقته غير منكر .


قال الحق: (فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء)
الشاهد (فإنك) ,المتكلم (الله) , المخاطب (الرسول)
تنزيل المخاطب غير منكر منزلة المنكر.

لا ينكر أنه لا يستطيع إسماع الصم , ولكن الأسلوب جاء بالتوكيد تنزيلاً له منزلة المنكر لهذه الحقيقة والمعتقد أنه قادر على إسماع الصم, وذلك لمبالغته في الإلحاح عليهم بالدعوة 




____________________________________






الشواهد :

1/ إنا لنضرب رأس كل قبيلة       وأبوك خلف أتانه يتقمل

المتكلم: الفرزدق     المخاطب: جرير   المقام: الفخر

الشرح:
قول الشاعر ( إنا لنضرب رأس كل قبيلة  )، لا يصح أن يقال إنه فيه ملاحظ حال المخاطب لأن ذلك ضعف في المعنى من حيث يبين أن هذه الحقيقة في تصور الشاعر يمكن أن تنكر وأنه في حاجة إلى توكيدها عند من يلقيها إليه ، والأنسب في هذا التوكيد أن الشاعر صاغه كما أحسه مؤكدا مقررا ، وانظر إلى قوله ( وأبوك خلف أتانه يتقمل ) وكيف واجه جريرا بما ينكره  أشد  الإنكار بهذا الأسلوب الخالي من التوكيد الموهم أنها حقيقة لا ينبغي لجرير أن ينكرها .


2/ إنا لنرخص يوم الروع أنفسنا       ولو نسام بها في الأمن أغلينا 
  3/ إنا لمن معشر أفنى أوائلهم        قيل الكماة ألا أين المحامون  


القائل: نهشل المازني     المقام: الفخر

الشرح:
هنا يصوغ الشاعر معانيه كما تحسها نفسه مراعيا حال هذه النفس ، وبالتالي فإن التوكيد مراعي لحال المتكلم وليس المخاطب فيقول في البيت الأول: نحن قوم سعداء وأنفسنا غالية علينا في الأمن لكن يوم الحرب نقدمها بأرخص الأثمان ، وفي البيت الثاني يقول: نحن معشر أوائلنا فنوا وانتهوا قتلى حرب لكثرة مساعدتهم لأشد فرسانهم في الحروب وذلك أمارة شجاعتهم .


4/ أبني إنك والعزاء معا       بالأمس لف عليكما كفن
   تالله ما تنفك لي شجنا       يمضي الزمان وأنت لي شجن
 5/ وإني وإن متعت بابني بعده      لذاكره ما حنت النيب في نجد

القائل: ابن الرومي     المقام: الرثاء


الشرح:
الشاعر هنا يصوغ نفسه ويؤكد ما يجده فيها مؤكدا و يرسل ما يجده فيها مرسلا لأنه يغني أوجاعه و آلامه غير ناظر إلى المخاطب ، فيقول في البيت الأول: أن عزائي فيك يا بني قد دخل معك ولف عليكما الكفن فلا سبيل للصبر على فقدانك وفراقك ولاحظ أنه ( ينادي ابنه بالهمزة وكأنه قريب على ما هو فيه من البعد وذلك لشدة حزنه وتعلقه به ) ، و في البيت الثاني: يقسم أن الزمان سيمر ويبقى ابنه هو حزنه و ألمه ، ويقول في البيت الثالث وهو من قصيدة أخرى: أنه وإن بقي له أبناء آخرون فهم ليسوا سلوى له وسيذكر ابنه هذا كل ما حنت النوق -وهي دائما تحن- أي أنه سيذكر ابنه دائما وأبدا .



6/ قال الحق: ( ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم )
7/وقوله تعالى:(ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء)

المتكلم: إبراهيم علية السلام       المخاطب: الله عز وجل 

الشرح: هذا التأكيد ينظر فيه إلى حال النفس الراجية ويدل على مدى انفعالها بهذا الرجاء و تأكيدها لهذا الدعاء .



8/ قال الحق: ( وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم )

المتكلم: المنافقين       المخاطب: المؤمنين و المنافقين


الشرح: 
أن من كذب المنافقين وضعف اعتقادهم بالإيمان أتت عبارتهم للمؤمنين ضعيفة وبلا مؤكدات و من قوة اعتقادهم بالكفر أو النفاق وصدقهم في ذلك أتت عبارتهم لشياطينهم –من الإنس والجن- قوية وبمؤكد .


9/ قال الحق: ( إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا
10/ وقوله: ( إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني و أقم الصلاة لذكري )

المتكلم: الله عز وجل       المخاطب: الرسول صلى الله عليه وسلم 

الشرح: 
داعي التوكيد هنا هو رغبة المتكلم في تقوية مضمون الكلام عند المخاطب وحرصه على تقريره في نفسه و إن كان غير منكر له .

11/ قال ابن المقفع: " اعلم أن رأيك لا يتسع لكل شيء ففرغه للمهم و أن مالك لا يغني الناس كلهم فاختص به ذوي الحقوق "

المتكلم: ابن المقفع       المخاطب: الناس

الشرح: 
قد يكون داعي التوكيد هو رغبة المتكلم في تقوية مضمون الكلام عند المخاطب وتقريره في نفسه وإن كان غير منكر له وتجد هذه الخصوصية تشيع في الأساليب التعليمية سواء كانت أدبية أو علمية , فنقول : إن بحث التوكيد من البحوث الدقيقة , و أنه لذو فوائد جمة و أنه لجدير بجد وجهد وابن المقفع يكثر من هذا الأسلوب في أدبه الموجه أو أساليبه الأدبية , و هنا ينصح ابن المقفع بأن لا يكثر أحدنا مشاغله لأن ذلك سيفرق همه والأفضل أن يخصص همه للمهم ، ويذكر أيضا أن المال لن يكفي الناس كلهم فالأفضل أن يكون لأهل الحقوق من الوالدين والأقربين وأهل الزكاة .

12/ قال الحق: ( إن الله يدافع عن الذين آمنوا )
 13/ وقوله: ( إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون )

المتكلم: الله عز وجل       المخاطب: المؤمنين

الشرح:
هنا مقام وعد وهو من المقامات التي يأتي فيها التوكيد لتزداد النفوس به يقينا و اطمئنانا.

14/ قال الحق: ( قال رب إن قومي كذبون )
15/ وقال عز وجل: ( رب إني وضعتها أنثى )

المتكلم: نوح عيه السلام – أم مريم عليها السلام       المخاطب: الله عز وجل

الشرح:
 هنا يكون التوكيد لمجيء الخبر خلافا لما ترجوا النفس وكأن نفس المتكلم تنكره فيؤكده لها ،    ولغرابة الخبر وحرص المتكلم على أن يؤنس به نفس المخاطب و إن كانت لا تنكره .

16/ قال الحق: ( الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون )

المتكلم: الله عز وجل       المخاطب: الذين أصابتهم مصيبة

الشرح:

التوكيد هنا إظهارا لمعتقد النفس و إبرازا له لتزداد النفس يقينا به لأن المصيبة قد تقلق النفس وتهز اليقين وعندئذ تلوذ النفس المؤمنة بكينونتها لله ورجعتها إليه فتعلن ذلك و تؤكده لتثبت في مواجهة الشدة .