الثلاثاء، 15 ديسمبر 2015

مجيء المسند فعلا أو اسما








سيناقش هذا الدرس بعض فروق الخبر
*الفرق الدقيق بين دلالة صيغة الفعل على معنى ودلالة صيغة الاسم على نفس المعنى
أنك إذا قلت .. منطلق فقد أفدت انطلاقاً ثابتاً 
وإذا قلت.. ينطلق فقد أفدت انطلاقاً يتجدد 
فصيغة الاسم تدل على الثبوت من غير إفادة التجدد، وصيغة الفعل تدل على الحدوث والتجدد، فقولك زيد منطلق كقولك زيد طويل من حيث دلالته على أنه طويل من غير إشعار بتجدد الطول وحدوثه، وقولك زيد ينطلق كقولك زيد يطول من حيث دلالته على حدوث الطول وتجدده وهذا إنما يصح إذا كان زيد غلاما لم يستقر طوله.

أيضا الفعل يفيد تقييد المسند بأحد الأزمنة التي يدل الفعل عليها وذلك بخلاف الاسم فإنه لا يدل على زمان


** الفرق بين كون المسند فعلا فقط نحو ينطلق زيد وبين كونه جملة نحو زيد ينطلق أو زيد أبوه ينطلق، هو أن الجملة تفيد تقوية الحكم وقد قالوا أن كل ما خبره جملة يفيد التقوية.

*** الفرق بين مجيئه جملة فعلية أو جملة اسمية هو أن الجملة الفعلية تفيد التجدد والحدوث والجملة الاسمية تفيد الثبوت والدوام.

الشواهد:
الشاهد الأول:
 لايألف الدرهم المضروب صرتنا        لكن يمر عليها وهو منطلق
الشاهد: وهو منطلق
الدلالة: يدل على الثبات
الحالة: مجيء المسند اسما
الشرح:
  الشاعر يذكر قومة بالسخاء وأنهم لا يبقون من المال بقية فصرتهم لا تألف الدرهم ،وقوله وهو منطلق جاء بصيغة الاسم لأنه يريد أن يثبت للدرهم صفة الانطلاق من غير إشعار بتجدد وحدوث حتى يؤكد أن الدرهم لا يتوقف توقفاً ما عند الصرة ينقطع به انطلاقه ليتجدد بعد ذلك وإنما هو منطلق انطلاقاً ثابتاً مستمراً ولو قال :يمر عليها وهو ينطلق لكان المعنى أن انطلاقه يتجدد وهذا يعني أنهم يمسكونه زماناً ما .
الشاهدالثاني
قالى تعالى (وكلبهم باسط  ذراعيه بالوصيد
الشاهد: باسط 
الدلاله صفة ثابتة  لاتتغير 
الحالة : مجيء المسند اسما 
الشرح:
يفيد أن الكلب على هيئة وصفة ثابتة هي بسط الذراعين بالباب كما تقول : هو طويل في أنك تثبت له صفة هو عليها من غير إشعار بشيء آخر ولا إشارة إليه ولو قال : كلبهم يبسط ذراعيه لكان المعنى أن الكلب يحدث البسط ويزاوله ويتجدد منه شيئاً فشيئاً وليس هذا هو المراد وإنما المراد أن الكلب باسط ذراعيه بالباب.
الشاهد الثالث
لعمري لقد لاحت عيون كثيرة     إلى ضوء نار في  يفاع تحرق
تشب لمقرورين يصطليانها       وبات على النار الندى ومحلق 
الشاهد: تحرق 
الدلاله: أن الفعل هنا يحدث شيئا فشيئا
الحالة :مجيء المسند فعلا
الشرح: 
معنى كلمة لمقرورين : أي مصابان بالبرد
في يفاع تحرق. أو تتحرق ، واليفاع المشرف من الأرض فالنار على مكان عالِ تتحرق ولو قال: متحرقة لأنكرته النفس كما قال عبد القاهر وذلك لأن قولنا في يفاع متحرقة يفيد أن النار متحرقة فقط وليس هذا غرض الشاعر وإنما غرضة أن النار تتحرق ويتجدد منها الإحراق ويحدث شيئاً فشيئًا وأن المحلق هناك يجدد ويعلي لهبها واشتعالها لتكون ناره أهدى لسارب الليل وأجلب لطالب المعروف.
الشاهد الرابع
أوكما وردت عكاظ قبيلة      بعثوا إلي عريفهم يتوسم
الشاهد:  يتوسم 
الدلاله : التجدد والحدوث   
الشرح 
 يذكر الشاعر بسالتة وشهرته وأنه كلما وردت قبيلة سوق عكاظ أرسلوا القيم على أمرهم يتوسم الوجوه ليتعرف على طريف طلبا للثأر منه لأن له في كل قوم نكاية ، ولو وضع الاسم موضع الفعل وقال: بعثوا إلي عريفهم متوسماً لذهب من المعنى شكله ورواؤهُ وفسد الكلام، وذلك لأنه أراد أن العريف يقع منه التوسم والتعرف والتأمل شيئاً فشيئاً فهو دائب المراجعة والتصفح وتجديد النظر في وجوه القوم. وهذا يعني أنه معنيٌّ جداً بالبحث عن طريف ولو قال متوسماً لكان المعنى أن العريف على صفة التوسم والتأمل دون إشعار بحالة التجدد.
الشاهد الخامس
قال الحق( سواء  عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون
الشاهد: أدعوتموهم -أنتم صامتون 
الدلالة
التجدد والحدوث  - الدوام والاستمرار 
الشرح:
 جاءت الجملة الأولى فعلية ( أدعوتهم ). والجملة الثانية اسمية ( أنتم صامتون).لتفيد :الأولى التجدد والحدوث. والثانية : الدوام والاستمرار. فيكون المعنى سواء عليكم أن تحدثوا دعاءهم أو أن تستمروا على صمتكم والمراد بالدعاء طلب الهداية والنجاة والموجه إليهم الدعاء هي ( الأصنام ) المعبودة من دون الله وكان الوثنيون الذين يعبدون هذه الأصنام. من عادتهم أنهم لايدعون هذه الأصنام إذا نزلت بهم شدة وإنما يدعون الله. فقيل: سواء عليكم أأحدثتم الدعاء على غير عادة- أم بقيتم مستمرين على عادة صمتكم. ولو قيل سواء عليكم أدعوتموهم أم صمتم لأفاد أن صمتهم عن دعائهم لم يكن ثابتاً وإنما صمت حادث وهذا بخلاف الواقع.
الشاهد السادس
قال الحق(قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين)
الشاهد: :أجئتنا بالحق - أنت من اللاعبين
الدلالة: يشير إلى التجدد - الاستمرار والدوام  
الشرح:
عبروا بالجملة الفعلية في قولهم ( أجئتنا) لتشير إلى التجدد وكأنهم يقولون أحدث منك مجيء بالحق ولم تكن كذلك. وعبروا بالجملة الاسمية ثانياً في قولهم ( أنت من اللاعبين ) ليفيدوا الاستمرار والدوام. يعني أم أنت مستمر في لعبك الذي عهدناه فيك. ولو قالو : أم لعبت وجاء بالفعلية لأفاد أن اللعب حادث طاريء وأنه كان قبل ذلك جاداً غير هازل وهذا غير مراد لهم.
الشاهد السابع
(وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا  آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم
الشاهد: آمنا- إنا معكم
الدلالة :يفيد التجددـ يفيد الاستمرار 
الشرح:
عبروا في خطاب المؤمنين بقولهم آمنا أي حدث بعد أن لم يكن ،وفي خطاب إخوانهم إنا معكم أي مستمرون على مألوف كفرنا 

وذكر  الزمحشرى هذه الآية وفسر عدم التوكيد في الجملة  الأولى  بعدم وجود  العزم  والإصرار وغير ذلك من المعاني النفسية  التي تكون  وراء التوكيد  فليس وراء كلامهم  للمؤمنين  حقيقة نفسية صادقة تدفع وتحرك وتبعث، وقد وجدت هذه الحقيقة عند إخوانهم وقولهم إنا معكم.






هناك تعليق واحد: