الثلاثاء، 15 ديسمبر 2015

{ تقييد الفعل بالشرط }


المقدمة :


عني البلاغيون بتقييد المسند ب (إن – إذا) لأن للتقييد بهما لطائف واعتبارات  بلاغية, أو لكثرة مباحثها الشريفة المهملة في علم النحو كما يقول العلامة سعد الدين. 
قالوا: إن (إن) للشرط في الاستقبال أي تقييد حصول الجزاء بحصول الشرط في الاستقبال مثل قولك: إن جئتني أكرمتك, ومثلها (إذا) .




الفرق بين تقييده بـ ( إن – إذا ) :



إن:  تستخدم في الشرط غير المقطوع وقوعه.
تقول : إن جئتني اكرمتك / إذا كنت غير قاطع بمجيئه.
إذا: تستخدم في الشرط المقطوع بوقوعه 
تقول : إذا جئتني اكرمتك / إذا كنت قاطعاً بمجيئه أو مرجحا ذلك.
وهذا الفرق الكائن في أصل الدلالة كما ترى, هو الذي تتفرع عنه الدلالات البلاغية لهاتين الاداتين , ويظهر ذلك في تحليل الشواهد.



الشاهد الأول


 - الشاهد: (فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه )

موطن الشاهد : فإذا جاءتهم - وإن أصابتهم  

-  الشرح:

فائدة إذا: شرط مقطوع  بوقوعه, وفائدة ان : أمر غير مقطوع  بوقوعه.
الحسنه: معرفه.  سيئة: نكرة للتقليل .
فإنه لما كان مجيء الحسنة امرا مقطوعا به جيء بلفظ إذا, وعرفت الحسنة تعريف الجنس ليشمل كل ما هو من جنس الحسنات, وشأن هذا ان يقع كثيرا, وذكر لفظ (إن) مع اصابة السيئة, لأن اصابة السيئة نادرة بالنسبة لا صابة الحسنة , وفد نكرت السيئة لإفادة التقليل فأشارت الى هذه الندرة.


الشاهد الثاني

- الشاهد: إذا اذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون )

موضع الشاهد:إذا أذقنا  - وإن تصبهم) 

 الشرح: 
اذا: مسند مقيد بشرط, شرط يقع على الأغلب والكثرة, امر مقطوع بوقوعه.- 
إن: شرط غير مقطوع بوقوعه.
جيء باذا في جانب الرحمة للإشارة الى ان اذاقة الناس قدرا قليلا من الرحمة أمر مقطوع به, ولإفادة هذا المعنى نكرت الرحمة لتفيد التقليل فيكون التقليل أقرب الى القطع بالوقوع , وقال (وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم ) فأفاد  إن اصابة السيئة لهم أمر غير مقطوع به,  وإن الله لايؤاخذهم دائما بما قدمت ايديهم ولكنه يعفو عن كثير .

الشاهد الثالث:

 الشاهد: 
ويصغر في عيني تلادي إذا انثنت              يميني بادراك الذي كنت طالبا 
فإن تهدموا بالغدر داري فإنها                    تراث كريم لا يبالي العواقبا 


 موطن الشاهد: إذا انثنت  / فإن تهدموا
الشرح: 
 إن:  أمر غير مقطوع  بوقوعه
إذا انثنت يميني جاء فيه بإذا ليشعر ان ظفر مثله بحاجته أمر متوقع وانظر الى الصورة  البديعية في قولة : انثنت يميني بادراك الذي كنت طالبا, وقولة (فإن تهدموا بالغدر داري) جاء فيه بأن ليشير الى إن هذا الذي وقع منكم ما كان ينبغي ان يكون الا على سبيل الشك والاحتمال النادر, فإن الرجل الذي يغسل عن نفسه عاره بسفيه ويفتك بمن يناله في عرضه لا يجوز في شريعة الجد ان تهدم داره, الشاعر باستعمال كلمة إن كأنه يرفض هذا الواقع لأنه مناقض لما يجب ان تكون عليه أخلاق الرجال.

الشاهد الرابع:

 الشاهد : 

إذا هم لم تردع عزيمه همه       ولم يأت ما يأتي من الأمر هائبا       
 إذا هم ألقى بين عينيه عزمه       ونكب عن ذكر العواقب جانبا                        

     

موطن الشاهد: إذا هم لم تردع / إذا هم ألقى بين عينة 

- الشرح:
 إذا: شرط قيد بـ إذا / متوقع  حصوله 
إن: شرط قيد بـ إذا / متوقع حصوله ودائم الحصول .
إذا هم لم تردع جاء فيه بإذا ليشير إلى انه ذو عزمات مواض وأن همه لمواقف المروءة شيء كثير غال فحياته كلها همم وعزائم كريمة, وقولة إذا هم ألقى بين عينيه عزمه يؤكد هذا المعنى ويأتي بلون جديد, وفي البيت الأول ذكر أنه لا ينثني عن عزمة, من غير أن يشير إلى انصباب نفسه صوب غايته وذكر فيه هذا البيت الانصباب او الانهماك في تحقيق غاياته فالعزم كأنه شيء تجسد وأخذ مكانه بين عينيه فلا يلتفت الا اليه. 




الشاهد الخامس : 


الشاهد: إذا أنت أكرمت الكريم ملكته                  وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا  

- موطن الشاهد : إذا أنت أكرمت الكريم / وإن أنت أكرمت

الشرح: 
 إذا: متوقع حصول, ملكته: جواب الشرط
إن: غير متوقع حصوله
وقد أصاب حين ذكر في سياق اكرام الكريم إذا ,  لأن هذا مما ينبغي أن يوجد دائما, وذكر إن في سياق اكرام اللئيم للإشارة الى ان مثله من القليل النادر وذلك لصعوبة تجشم النفس إكرام اللئيم.

الشاهد السادس :

الشاهد: إن كان سركم ما قال حاسدنا                    فما لجرح إذا ارضاكم ألم. 

 موطن الشاهد: إن كان / إذا أرضاكم ألم


  الشرح:
 إن: غير مقطوع بوقوعه
إذا: مقطوع بوقوعه.
ما كان ينبغي أن يسرك ما قاله حسادي

جواب الشرط : إن كون الجراح التي تصيبه وسيف الدولة راض بذلك لن يشعر بألم الجراح.
انظر كيف جاء بإن مع هذا الحديث الواقع, وكأنه يقول ما كان ينبغي لما  بيني وبينك من طول المودة والمخالطة أن يكون منك هذا وإن يسرك ما قال حاسدنا.



الشاهد السابع :

الشاهد: ( ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة ) 

- موطن الشاهد: ( ولئن قتلتم )



الشرح:  

الحالة: مسند بالشرط بــ أن 
إن: اخلاص النية لله وأن تكون الميته في سبيل الله وهو امر غير سهل . أمر غير متوقع حدوثه .
إن : تشير إلى ان خلوص الموت لله مما هو عزيز لأن تخليص العمل لله من أصعب مايعانيه أهل الله.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق